نتائج وثمار الخلوة
الكاتب: الشيخ مخلف العلي القادري
نتائج وثمار خلوة
التوحيد
قد بينا فيما سبق مدى أهمية خلوة التوحيد وسنذكر لك أهم النتائج والثمار
التي يجنيها الخلوتي من هذه الخلوة الشريفة وهي:
1) أول ثمرة من ثمرات خلوة التوحيد هو تزكية النفس
الأمارة التي تحمل أسوَأ الصفات، كالبخل والحرص وطول الأمل والكِبْرِ وحب الشهرة
والحسد والغفلة، وهذه الثمرة تعتبر الأهم على الإطلاق، فمراد الطريق وغايته هو
تزكية القلب ولا سبيل لذلك خير من الخلوة، ولا خلوة أفضل لهذا من خلوة التوحيد.
2) جلاء القلب وتطهيره من كل الأمراض، وكشف الحجب
عنه ليتلقى من فيض الواردات والتجليات ويكشف له حقائق وأسرار ودقائق العلوم
اللدنية، وكذلك الاطمئنان الكامل بين يدي ربه.
3) مغفرة الذنوب وتكفير السيئات فيخرج الخلوتي من
خلوته يحمل طهارة في قلبه ونفسه وروحه، خالياً من الأدران والأدناس التي من شأنها
حجب القلب عن النور الرباني الذي يهبط على الذاكر في كل أحواله في الخلوة وخارجها.
4) ترويض النفس والجوارح والقلب، وتأديبها جميعاً
على الوقوف على الحدود الشرعية، وترك المعاصي وأداء الطاعات والسنن والنوافل،
فيخرج من خلوته متحققاً بأعلى صفات وأخلاق الإسلام والإيمان، وهذا بغية المتصوف من
سلوكه.
5) قطع حبائل الشيطان وعوالق النفس، وإضعافها بشكل
كبير، حيث أن العمل بخلوة التوحيد ينهي ويقتل حظ الشيطان من نفس السالك، وذلك لأن
المريد بعد الخلوة تزداد نوارنيته بشكل كبير جداً فيصبح قوياً مهاباً من الشيطان
أكثر من قبل.
6) تلقي الكثير من العلوم الإشراقية والعرفانية
وقوة هذا وضعفه يتوقف على نجاح خلوته من عدمه وقوة فتحه بها، وهذه العلوم تصل إلى
أربعة وعشرين علماً ذكرها الإمام الشعراني بتفصيل فمن أراد الاطلاع عليها فليرجع
للأنوار القدسية للشعراني.
7) الترقي بالمقامات الحقيقة في سلوك الطريق والتي
يفتقدها الكثير من المريدين اليوم، بل لم يتحقق بها أصلاً، بسبب هجر الخلوات من
قبل المشايخ والمريدين، ولا سبيل للترقي إلا بالخلوات والمجاهدات وخاصة بذكر لا
إله إلا الله كما بين أهل الله ذلك في كتبهم.
8) القوة الروحية عند السالك في التواصل مع سلسلة
الطريق، لأن من شأن الخلوة أن تُقَرِّبَ روح المريد من أرواح مشايخه الأحياء
والميتين فتصبح الرابطة عنده قوية جداً تبلغ أقصى درجاتها.
9) التحقق بالطريق وحسن الإقبال على الله تعالى،
حيث يصبح السالك بعد الخلوة صاحب همة على العبادة والطاقة فيؤدي كل ما يترتب عليه
من الأعمال في الطريق ولا يكون من المقصرين بعد ذلك، وذلك لأنه اعتاد خلال خلوته
على برنامج عبادة كثيف وكبير يَسْهُلُ أمامه كل واجبات الطريق من الأعمال.
10) طهارة اللسان من أمراضه التي من شأنها إبعاد
السالك عن ربه ومن شأنها تأخير الوصول لما لآفات اللسان من خطر عظيم، أما بعد
الخلوة فيخرج السالك وقد اعتاد على إمساك لسانه عما لا يعنيه، مجانباً للغيبة
والنميمة، مشغلاً لسانه بذكر الله كيف لا وقد مرت عليه أيام وليال ولا يتحرك لسانه
إلا بذكر الله تعالى، وبتلاوة كتاب الله عز وجل، والدعاء والتضرع والمناجاة، فيصبح
حاله هكذا بعد الخلوة.
هذه أهم الثمار والنتائج التي يخرج المريد بها
من خلوة التوحيد المباركة، وهناك نتائج أخرى فصلناها بشكل أوسع في كتابنا الثمار
الحلوة في خصائص وأسرار الخلوة.
نقلاً عن كتاب
العقد الفريد في بيان خلوة التوحيد
للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري
حقوق النشر والطباعة محفوظة للمؤلف