شروط وصفات طعام الخلوة
الكاتب: الشيخ مخلف العلي القادري
شروط وصفات طعام وشراب الخلوة
1) يشترط أنْ يتحرى الحلال في كل لقمة يأكلها
ويجتنب الشبهات، لأن لقمة من حرام تدخل جوفه يحبط عمله بسببها أربعين يوماً، وأفضل
طعامٍ ما يقدمه له شيخه لأنه أدرى به.
2) يستحب عند البعض اجتناب كل ذي روح وما يخرج
منها كاللحم والشحم والدهن والأسماك واللبن والبيض وغيرها، وكل ما به إدام، لأن
هذه الأطعمة تقوي شهوانية النفس الأمارة على المعصية وتكسبها الغفلة وتجلب النوم
والاسترخاء كما ورد عن أهل الله، ويستحب أن يأكل التمر والزبيب والزيت والزيتون
والعدس والخبز والخضروات فهي أشد على النفس وأقوى على تأديبها، ولا يشرب إلا
الماء.
3) عدم الشبع بقدر الاستطاعة؛ والأكل بقدر الحاجة التي
تسد جوعه، وتقوي عزمه حتى يؤدي أعماله في خلوته، إلا إن كان ممن يحتاج لمزيد من
الأكل بحيث يكون الجوع مانعاً له من العبادة بالقدر المطلوب فلا مانع من التزود
بالمزيد، واعلم أن قلة الطعام ترقق القلب وتساعد على تأديب النفس وترويضها وتغلق
عنك مداخل الشيطان، لما روى الشيخان عن صفية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه
وآلهِ وسَلَّم أنه قال: ((إِنَّ
الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، فَضَيِّقُوا مَجَارِيَهُ
بِالْجُوعِ))، كما
أنَّ كثرة الطعام تولد الغفلة وتذهب الفطنة وتورث الكسل والخمول، فليحرص على قلة
الطعام، ويجب أن يعلم أن الجوع من أركان الطريق.
4) الاكتفاء بوجبتين اثنتين واحدةٌ للسحور والأخرى
للفطور ويترك ما سواهما، ويبدأ بالتخفيف من مقدار الطعام تدريجياً، فبعد العشر
الأول من الخلوة يترك نصف وجبة الإفطار، ثم بعد العشر الثاني يترك نصف وجبة
السحور، ثم بعد العشر الثالث يترك وجبة السحور ويقسم وجبة الإفطار لسحوره وإفطاره
ويبقى عليها حتى ينتهي من العشر الأخير.
5) التسمية قبل كل وجبة ويستحب التسمية في كل لقمة
فذلك أدعى للبركة، فإن نسي فليقل بسم الله أوله وآخره، كما ورد في مسند الإمام أحمد
عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم:((إذَا أكَلَ أحَدُكُمْ طَعَاماً؛ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّـهِ، فَإِنْ نَسِيَ فِي أوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّـهِ أوَّلِهِ وآخِرِهِ)).
6) إعداد طعام يكفيه لعدة أيام في خلوته حتى لا
ينشغل بإعداد الطعام فيضيع وقته بذلك، وإن كان هناك من يعد له طعامه فذلك خير من
إعداده لنفسه، ولذلك اتخذ العارفون الزيت والتمر والزيتون طعاماً للخلوة؛ لأنه لا
يحتاج لإعدادٍ وتجهيزٍ ولا يَفْسَدُ بطول الوقت فَيكْفَونَ همَّ الانشغال بتجهيز
الطعام.
7) يستحب أن يسرع بالأكل ولا يضيع وقتاً طويلاً به،
ويختار من الطعام ما لا يحتاج وقتاً لأكله، فهو بحاجة لكل نَفَسٍ من أنفاسه في
الخلوة وهو محاسب عليها، وتضييع الوقت في الطعام من مفسدات الخلوة، ومن أهم
الأمراض الخفية التي تصيب الخلوتي هي كثرة الأكل وتضييع الوقت بذلك، متذرعاً
بالتقوي على طاعة الله تعالى فتصيبه الغفلة ولا يشعر.
8) على الخلوتي أن يحذر من شرب الدخان في الخلوة،
فشرب الدخان أثناء الخلوة يشكل حجاباً بينه وبين الملائكة والأرواح الطيبة،
والأَوْلى به تركه نهائياً لحرمته، وكذلك يستغنى عن المشروبات الأخرى كالشاي
والقهوة وغيرها إلا بقدر الحاجة والضرورة إن استدعى الأمر ذلك.
9) الحذر من الأطعمة ذات الروائح المكروهة المنهي
عنها كالبصل والثوم والكراث وغيرها لأن الملائكة تتأذى منها.
10) يجب عليه أن يفطر كل يومٍ إذا حان وقت الإفطار،
ويحذر من الوصال فهو خاص به صلى الله عليه وآله وسلَّم ومحرم علينا وقد نهينا عنه.
11) التسحر ولو بثلاث تمراتٍ، فإن ذلك من السنة وفيه
البركة، لما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رضي اللَّهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلَّم:
((تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً))، وروى
الإمام أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي اللَّهُ عنه قَالَ: ((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلَّم:
السُّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ فَلا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ
جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الـْمُتَسَحِّرِينَ)).
نقلاً عن كتاب
العقد الفريد في بيان خلوة التوحيد
للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري
حقوق النشر والطباعة محفوظة للمؤلف