صفات شيخ الخلوة
الكاتب: الشيخ مخلف العلي القادري
صفات الشيخ الذي يُدخل
المريد في الخلوة
واعلم وفقني الله تعالى وإياك أنه ليس كل من تصدر للمشيخة والإرشاد صار
مؤهلاً لإدخال المريدين في الخلوة، وخاصة في هذا الزمان، واعلم أنَّ هناك شروطاً
وصفاتٍ لابد من توافرها فيه، وسنذكرها هنا للتوضيح والبيان وهذه الشروط خمسةٌ وهي:
1) أن يكون قد تلقن الذكر وتلقى التربية والسلوك
والإرشاد من شيخٍ عارفٍ ومرشدٍ كاملٍ ولبس الخرقة من يده، وصحبه وجلس بين يديه لسنين
طويلة ومدة كافية لتزكية نفسه، وكذلك شيخه يكون قد تلقى عن غيره بنفس الشروط، وكل
ذلك وفق سندٍ كاملٍ صحيحٍ متصلٍ متواترٍ.
2) أن يكون قد مارس المجاهدات السلوكية ودخل
الخلوات الكافية لبلوغه مراتب الإرشاد على يد شيخه العارف كما ذكرنا، ويكون محيطاً
عارفاً بعلوم الخلوات وما يحصل للمريد فيها، فهي علم بحد ذاته لا يعلمه إلا من
مارسه عملياً، وبهذا سيكون قادراً على إدخال غيره في الخلوة لأنه مارسها قبله،
وأما من لم يدخل فيها ولم يمارسها فلا يصح ولا يجوز له أن يُدخل غيره، لأن فاقد
الشيء لا يعطيه، ومن دخلها على يد شيخٍ لم يدخلها فلن ينتفع بشيءٍ ولن يتحصل إلا
على أجر الذكر ولكن لن ينال شيئاً من أسرارها وأنوارها.
3) أن يكون قد تحصل على الخلافة الحقيقية بالإرشاد
والسلوك حسب مفاهيم القوم العارفين، ومعنى ذلك أنه نال خلافته بجهده وتعبه
ومجاهدته في الطريق وجاء بها الإذن الباطني، ويخرج من هذا كل من نال خلافته
تبركاً، أو بدون مجاهدة وسلوك وتربية، أو تحصل عليها بطلبه، ويجب أن نتنبه أنَّ
كثيراً من المشايخ اليوم تهاونوا وتساهلوا بشروطِ وضوابطِ الإجازة فصار البعض يجيز
بدون قيود فيجب الحذر من كل من نال إجازته بدون الضوابط والشروط الصحيحة.
4) أن يكون قد جلس على سجادة الإرشاد فترة تكسبه
الخبرة والدراية بأحوال السالكين من حيث أمراضهم والعوارض التي تعتريهم في سيرهم
وسلوكهم، فيعرف ما ينفعهم وما يضرهم، وما يقدمهم وما يؤخرهم، وإلاَّ فلن يأتي منه
الخير الكافي لإرشاد السالكين في طريقهم لربهم.
5) يفضل ويستحب أن يكون شيخ الخلوة ممن أفاض الله
تعالى عليه بعلوم الخلوات الباطنية وفتح الله تعالى عليه بفتوح العارفين، ليستطيع
بإذن الله أن يفرغ الأسرار والعلوم اللدنية التي تلقاها بخلواته على قلب مريده، والتي
لا يترقى ولا يصل إليها المريد إلا بالخلوات والمكاشفات الصحيحة والإمدادات الإلهية،
وهذه الصفة تعرف بالشيخ من خلال سيرته وسلوكه في إرشاد السالكين ويعرف ويشتهر بها
عند أهل الصلاح والمعرفة.
هذه خمسة شروط لابد من توفرها في كل شيخٍ يتصدر للمشيخة والإرشاد ويريد
إدخال المريدين في الخلوات، فمن لم تتوفر فيه فلا يستحب دخول الخلوة بين يديه، لأن
الانتفاع يكون شبه معدوم والله تعالى اعلم.
نقلاً عن كتاب
العقد الفريد في بيان خلوة التوحيد
للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري
حقوق النشر والطباعة محفوظة للمؤلف