جديد الموقع
الشيخ أبو بكر القادري => سير مشايخ الطريقة ۞ أهم مشاكل التصوف المعاصر => مقالات في التصوف ۞ اختلاف الأمة المضحك المبكي => مقالات الشيخ القادري ۞ آداب المريدين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ دعاء عظيم للحمل والذرية => فوائد ومجربات ۞ الصلاة الكبرى للجيلاني => مؤلفات الشيخ القادري ۞ الحرز الجامع والسيف المانع => مؤلفات الشيخ القادري ۞ درس تجربة => دروس ومحاضرات فيديو ۞ الوفاء لأهل العطاء => التعريف بشيوخ الطريقة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞
المقال

قواعد السلوك (5): العلم

الكاتب: الشيخ القادري

تاريخ النشر: 11-06-2022 القراءة: 2248

سلسلة دروس قواعد السلوك

للشيخ مخلف العلي القادري الحسيني

القاعدة الخامسة: العلم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً وفقهاً وإخلاصاً في الدين وبعد :

أحباب وإخوتي الكرام

إن العلم هو من القواعد الاساسية التي تعين السالك في طريقه إلى الله ، ونحن نرى في هذا الزمان كيف تغير حال التصوف وأهله، وأحد أهم الأسباب في ذلك هو هجر العلم والبعد عن الشريعة وهذا يؤدي إلى ظهور البدع والتخبط في السلوك إلى الله تعالى ، والنصوص التي جاءت تحث على العلم كثيرة جدا أكثر من أن نحصرها والعلم واجب وفرض على كل مسلم كما اخبر النبي r فكيف بخواص المسلمين

والعلم المطلوب من السالك ليستعين به في طريقه إلى الله هو العلم بأصول الشريعة بمعنى أنه يتعلم ما يسمى عند العلماء ما علم من الدين بالضرورة أي يتعلم أساسيات دينه التي تجعله مسلما بحق وهي : (( أحكام الطهارة - أحكام العبادات - أحكام المعاملات العامة التي يحتاجها في حياته - أحكام الآداب والأخلاق - السنن النبوية - الحلال والحرام )) واعلم أن العلم قاعدة أساسية للأمور التالية :

أولاً: لما في طلب العلم من الشرف والمنزلة عند الله تعالى .

ثانياً: من أجل الأجر الكبير الذي يجنيه السالك من العلم وقد ورد عن النبي صلى الله عليهِ وآله وسلم أنه من تعلم باباً من العلم عمل به أم لم يعمل خير له من الدنيا وما عليها .

ثالثاً: العلم يقيك من مزالق الشيطان ومهاوي الطريق ومصائد الشيطان والعلم هو حصن وحراسة للتصوف وللصوفي .

يقول العز بن عبد السلام: قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تتهدم دنيا وأخرى وقعد غيرهم على الرسوم فهل هذا ينطبق علينا عافانا الله وإياكم .

يقول الإمام النووي القطب الكبير: أصول طريق التصوف خمسة : تقوى الله في السر والعلانية , إتباع السنة في الأقوال والأفعال , الأعراض عن الخلق في الإقبال والأدبار , الرضا عن الله تعالى في القليل والكثير , الرجوع إلى الله في السراء والضراء .

ويقول سيدي عبد القادر الجيلاني: كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة هي زندقة , طِرْ إلى الحق عزَّ وجلَّ بجناحي الكتاب والسنة ادخل عليه ويدك في يد رسول الله صلى الله عليهِ وآله وسلم ، ترك العبادات المفروضة زندقة وارتكاب المحظورات معصية .

ويقول الجنيد البغدادي: الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر رسول الله صلى الله عليهِ وآله وسلم واتبع سنته ولزم طريقته , فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه .

والعلم أيها الإخوة في زماننا هذا هُجِرَ من الصوفية جملة واحدة إلا من رحم الله فتجد أكثر المتصدرين للمشيخة هم بعيدون عن العلم .

والمريدون على أنواع في هذا الزمان:

النوع الأول: قسم يسعى وراء الأمور الروحانية وما تبعها من الخوارق والكرامات .

النوع الثاني: قسم يسعى وراء الآداب والمحبة وليس له نصيب في غيرها .

النوع الثالث : قسم يسعى وراء العلم وليس له نصيب في غيره .

النوع الرابع : وهم الفائزون هم من يسعون لتحقيق جميع ما ذكر يجمعون بين الجانب الروحي والعلمي والسلوكي فيكونون الفائزون بكل شيء الواصلون لله تعالى.

والآن كيف نبدأ ببناء هذه القاعدة: أيها المريد لن نخوض في بحار التصوف ونغوص في أعماق الحقائق إلا بالعلم واعلم أن العلوم التي يحتاجها السالك ثلاثة أقسام وهي :

أولاً: العلوم الشرعية

ثانيًا: العلوم الصوفية

ثالثًا: العلوم الروحانية

القسم الأول: هو العلوم الشرعية :

العلوم الشرعية واسعةٌ جداً وكبيرة لكن ليس بالضرورة أن يتقنها المريد كلها لكن المهم أن يتقن أساسيات المسلم التي لا غنى عنها له ، وكان الصوفية قديما يأخذونها عن شيوخهم ومرشديهم لان الشيوخ قديماً كانوا كلهم علماء يعطون المريد العلم والسلوك كما هي حال سيدي الجيلاني وسيدي الرفاعي كان المريد يأخذ العلم ويأخذ الأدب والسلوك ولا يمنع أن يلتزم ببعض الحلقات العلمية ونحن اليوم أمامنا واحد من طريقين:

الأول: هو الالتزام مع شيخ عالم يدله إلى الله بحاله وقاله وعلمه وأدبه . والثاني: القراءة بنفسه والكتب اليوم ما شاء الله كثيرة وحتى لا يقع المريد في الحيرة والتهلكة ينصح القوم بقراءة بعض الكتب مثلاً: قواعد العقائد للغزالي وهو موجود في مقدمة الاحياء وهذا يشتفي منه خلاصة علم العقيدة، ويقرأ: رياض الصالحين وفيه مجموعة عامة للأحكام والآداب، وأيها الولد للغزالي أو كتاب صغير من كتب الفقه على مذهبه هو يتعلم تلاوة كتاب الله حتى يعرف كيف يتعبد الله تعالى وبهذه الكتب يتحصل على أصول الدين، هذا بالنسبة للقسم الأول .

القسم الثاني هو العلوم الصوفية :

والمقصود بها آداب القوم وتعاليمهم وسيرهم ، كأدب المريد مع شيخه ومع إخوته ومع نفسه ومع الناس ومع ربه لان الصوفي الجاهل بتصوفه أسوء الناس وأخطرهم صحبة، ونحن اليوم نرى بوضوح جهل الصوفية إلا من رحم الله، إذا سألته ما هي الطريقة لا يعرف، ما هو التصوف لا يعرف، ما هي الآداب لا نعرف .

واغلب المريدين اليوم يطلب الإجازة فور سلوكه ولو قرأ عن القوم لعلم أن الموت خير له من طلبها، لأنها أمانة حملها ثقيل ، لذا يجب على المريد أن يتصفح في كتب القوم .

ومن أهم الكتب التي ننصح بها وينصح بها أهل الله هي : القواعد القدسية في معرفة قواعد الصوفية - الرسالة القشيرية - الفتح الرباني لسيدي عبد القادر الجيلاني - إحياء علوم الدين للغزالي - تنبيه المغترين للشعراني .

هذه كتب قيمة وطيبة جداً لا غنى عن المريد عنها المريد ، اليوم يسعى وراء الكتب ووراء المخطوطات لكسب هذا العلم وهو علم لا يؤخذ إلا عن الصدور فشمر ساعد الجد وأحيي الليل وسترى فتح الله عليك من الفتوح العجيب .

القسم الثالث فهو العلوم الروحانية:

هذه العلوم المقصود بها الخلوات والرياضات والأوراد والأحزاب فإنها تتجلى عليك بعلوم عجيبة تفيض عليك من الحقائق والأسرار مالا يعلمه إلا الله تعالى ولكننا كما قلنا المريد اليوم يسعى وراء الكتب ووراء المخطوطات لكسب هذا العلم وهو علم لا يؤخذ إلا عن الصدور والحق أن تشمر ساعد الجد وتحيي الليل وسترى سيفح عليك من الفتوح العجيب .

هذا أقسام العلوم التي يجب على السالك أن يطلبها فإذا تحقق بها نال أعلى الدرجات وسار على المنهج الحقيقي وبعد كل هذا الكلام يتبين لنا قيمة هذه القاعدة ( العلم ) وما أهميتها عند بناءك هذه القاعدة تصبح داعية إلى الله مرشداً معلما تدع للخير والله تعالى اعلم وفقني الله وإياكم لما فيه الخير للجميع

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين