بَيَانُ تَرْتِيبِ أَهَمِّ أَوْرَادِ الْمُرِيدِ
أَيُّهَا الْمُرِيدُ:
إِنْ وَفَّقَكَ اللَّهُ تَعَالَى لِلسُّلُوكِ فِي طَرِيقَتِنَا القَادِرِيَّةِ
الْعَلِيَّةِ، وَأَخَذْتَ الْعَهْدَ وَالْبَيْعَةَ مِنَ الشَّيْخِ أَوْ مِمَّنْ
يَنُوبُ عَنْهُ، فَابْدَأْ بِقِرَاءَةِ أَوْرَادِهَا مِنْ أَذْكَارٍ وَأَحْزَابٍ وَدَعْوَاتٍ،
وَلَا تَتْرُكْ شَيْئاً مِنْ وَظَائِفِهَا، مِنْ سُنَنٍ وَنَوَافِلٍ وَقُرُبَاتٍ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ
الْأَوْرَادَ وَالْوَظَائِفَ لَهَا تَرْتِيبٌ خَاصٌّ تَلَقَّيْنَاهُ بِتَدَرُّجٍ
عَنْ مَشَايِخِنَا الْكِرَامِ قُدِّسَتْ أَسْرَارُهُم الْعَلِيَّةُ، وَهَذَا
التَّرْتِيبُ والتَّدَرُّجُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُسَهِّلَ عَلَيْكَ الْعَمَلُ
بِهَا، كَمَا يُعِينُكَ عَلَى الثَّبَاتِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا،
وَالْأَوْرَادُ كَثِيرَةٌ كَمَا تَعْلَمُ، لِذَلِكَ أَحْبَبْتُ أَنْ أُبَيِّنَ لَكَ
فِيمَا يَأْتِي تَرْتِيبَ الْأَوْرَادِ وَالْوَظَائِفِ حَسْبَ الأهَمِّيَّةِ
وَالْأَوْلَوِيَّةِ، لِكَيْ لاَ تَحْتَارَ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ بِهَا، وَتَعْرِفَ
كَيْفَ تَزِيدُ مِنْهَا كُلَّمَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ الْقُدْرَةَ عَلَيْهَا،
شَرِيطَةَ أَنْ يَكُونَ لَكَ الْإِذْنُ بِقِرَاءَتِهَا مِنْ شَيْخِكَ الَّذِي
أَدْخَلَك فِي الطَّرِيقِ، فَأَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ :
أوَّلاً: اعْلَمْ أَنَّ أَهَمَّ الْوَظَائِفِ فِي
طَرِيقَتِنَا هُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ، ثُمَّ
السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، فَاحْذَرْ مِنْ تَرْكِهَا، فَإِنَّ نُورَكَ
فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَوُصُولَكَ مَرْهُونٌ بِاتِّبَاعِ النَّبِيّ الْكَرِيم صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
ثَانِياً: وَاعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ أَوْرَادِ
الْمُرِيدِ فِي طَرِيقَتِنَا هُوَ الْوَظِيفَةُ اليَوْمِيَّةُ، وَمَعَهَا التَّوْهِيبَاتُ
القَادِرِيَّةُ الشَّرِيفَةُ، وَهُوَ آكَدُ الْأَوْرَادِ وَأَوْجَبُهَا، وَلَا
يَجُوزُ تَرْكُهَا بِأَيّ حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ لَا وِرْدَ
لَهُ فَلَا وَارِدَ لَهُ، فَإِنْ فَاتَتْكَ فَعَلَيْكَ قَضَاؤُهَا فِي الْيَوْمِ
الثَّانِي، وَهُو وِرْدٌ يُقْرَأُ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
.
ثَالِثاً: إذَا وَفَّقَكَ اللَّهُ لِلْعَمَلِ بِمَا
سَبَقَ مِنْ وَظَائِفَ وَأَوْرَادٍ، فَابْدَأْ بِقِرَاءَةِ أَدْعِيَةِ الصَّبَاحِ
وَالْمَسَاءِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، فَإِنَّهَا مِنْ أَفْضَلِ وَأَعْظَمِ
الْأَوْرَادِ.
رَابِعاً:
ثُمَّ الْزَمْ بَعْدَ ذَلِكَ حِزْبَ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ الشَّرِيفَ، مَرَّةً
فِي الصَّبَاحِ، وَمَرَّةً فِي الْمَسَاءِ، وَهُوَ مِنَ الْأَوْرَادِ اللَّازِمَةِ
فِي طَرِيقَتِنَا كَمَا قَرَّرَ مَشَايِخُنَا الْكِرَامُ .
خَامِساً:
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَشْتَغِلُ بِوِرْدِ أَسْمَاءِ الْأَنْفُسِ السَّبْعَةِ،
وَلَا تَشْتَغِلْ بِغَيْرِهَا أَثْنَاءَ عَمَلِكَ بِهَا، إلَّا مَا سَبَقَ
ذِكْرُهُ مِنْ أَوْرَادٍ، حَتَّى تَنْتَهِيَ مِنْهَا، وَلَا تَزِيدُ مُدَّةُ
الِاشْتِغَالِ بِهَا عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَكُلَّمَا نَقَصَتْ مُدَّةُ
الْعَمَلِ بِهَا كَانَ أَفْضَلَ .
سَادِساً:
فَإِذَا انْتَهَيْتَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْفُسِ السَّبْعَةِ، جَازَ لَكَ
الِاشْتِغَالُ بِبَقِيَّةِ الْأَوْرَادِ مِنْ أَذْكَارٍ وَأَحْزَابٍ،
وَأَفْضَلُهَا وَأَهَمُّهَا هُو الحِزْبُ السيْفِيُّ لِلْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَاجْعَلْه وِرْدَاً لَازِماً فِي كُلِّ
يَوْمٍ مَرَّةً، وَاقْرَأ بَعْدَهُ دُعَائِي الِاخْتِتَامِ وَحِزْبَ الْوَسِيلَةِ
لِلْجِيلَانِي، وَأَفْضَلُ أَوْقَاتِهِ فِي السَّحَرِ، أَوْ فِي أَيِّ وَقْتٍ .
سَابِعاً:
فَإِذَا أَرَدْتَ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا سَبَقَ فَعَلَيْكَ بِحِزْبِ الْفَجْرِ
الْكَبِيرِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ، فَهُو عِمَادُ الطَّرِيقِ، وَمِنْ
أَهَمِّ الْأَحْزَابِ فَلَازِمْهُ مَا اسْتَطَعْتَ.
ثَامِناً:
فَإِذَا أَرَدْتَ الزِّيَادَةَ فَاشْتَغِلْ بِوِرْدِ التَّوْحِيدِ (لَا إلَهَ
إلَّا اللهُ)، وَأَقَلُّ وِرْدِهِ أَلْفُ مَرَّةٍ فِي الْيَوْمِ، وَأَكْثَرُهُ اثْنَا
عَشَرَ ألْفاً، وَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْأَوْرَادِ، فَإِذَا وَفَّقَكَ
اللَّهُ تَعَالَى لِلزِّيَادَةِ فَاشْتَغِلْ بِوِرْدِ الْجَلَالَةِ وَعَدَدُهُ
خَمْسَةُ آلَافٍ، فَإِذَا أَرَدْتَ الزِّيَادَةَ فَصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفَ مَرَّةٍ فِي الْيَوْمِ، فَإِنْ حَافَظْتَ عَلَى
هَذِهِ الْأَذْكَارِ فَهَذَا تَوْفِيقٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَكَ وَعَلَامَةُ
الرِّضَا وَالْقَبُولِ .
تَاسِعاً:
فَإِنْ وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ الْقُدْرَةَ عَلَى الزِّيَادَةِ فَاشْتَغِلْ
بِوِرْدِ الْبَسْمَلَةِ الشَّرِيفَةِ وَعَدَدُهَا (786) مَرَّةً فِي الْيَوْمِ
وَالزِّيَادَةُ إلَى أَلْفٍ أَفْضَلُ .
عَاشِراً:
فَإِذَا ثَبَّتَكَ اللَّهُ عَلَى مَاسَبَقَ فَعَلَيْكَ بِقِرَاءَةِ الْخَتْمِ
الْقَادِرِيِّ الشَّرِيفِ فَإِنَّهُ عَظِيمُ الْبَرَكَةِ، كَثِيرُ الْخَيْرَاتِ،
أَوْصَى بِهِ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ قَدَّسَ اللهُ سِرَّهُ.
أَحَدَ
عَشَرَ: فَإِذَا أَرَدْتَ الزِّيَادَةَ
فَعَلَيْكَ بِحِزْبِ الدَّوْرِ الْأَعْلَى لِلشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ
عَرَبِي، فَإِنَّهُ مِنَ الأَحْزَابِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا
مَشَايِخُنَا الْكِرَامُ.
اثْنَا
عَشَرَ: فَإِذَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ
الْقُدْرَةَ عَلَى الزِّيَادَةِ فَعَلَيْكَ بِحِزْبِ السِّرِّ الشَّرِيفِ
لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلَانِي، وَحِزْبِ الْبَحْرِ وَالنَّصْرِ
لِلْإِمَام الشَّاذِلِي قَدَّسَ اللهُ
سِرَّهُ الْعَزِيزَ فَإِنَّهَا مِنَ الأَحْزَابِ الْعَظِيمَةِ وَلَهَا مِنَ
الْخَوَاصِّ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ، فَإِنْ كُنْتَ طَامِعاً
بِالْمَزِيدِ فَعَلَيْكَ بِمُلَازَمَةِ حِزْبِ السَّيْفِ القَاطِعِ المَعْرُوفِ
بِحزْبِ الْإِمَامِ الْغَزَالِي، فَإِنَّهُ حِصْنٌ حَصِينٌ، وَحِرْزٌ عَظِيمٌ .
ثَلَاثَةَ
عَشَرَ: فَإِنْ
وُجِدَتْ فِي نَفْسِكَ الْقُدْرَةَ عَلَى زِيَادَةِ الذِّكْرِ، فَلَا تَفُوتُكَ
بَرَكَةُ الْأَوْرَادِ اليَوْمِيَّةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ، وَالْوِرْدُ
الكِيمَاوِي كَذَلِكَ، فَهِيَ مِنْ أَوْرَادِ الطَّرِيقِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ
الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا وَلَهَا مِنَ الْأَسْرَارِ وَالْبَرَكَاتِ الْكَثِيرِ.
أَرْبَعَةَ
عَشَرَ: فَإِنْ أَرَدْتَ الزِّيَادَةَ فَعَلَيْكَ
بِالخَتْمَةِ السُّهْرَوَرْدِيَّةِ، أَوْ مَا تَعْرِفُ بِالْوِرْدِ الثَّانِي مِنْ
أَوْرَادِ الْأَيَّامِ، فَهِي عَظِيمَةُ الْمَنَافِعِ، أَوْصَى وَأَمَرَ بِهَا
مَشَايِخُنَا الْكِرَامُ، فَاغْتَنِمْ أَجْرَهَا وَلَا تَفُوتُكَ بَرَكَتُهَا .
خَمْسَةَ
عَشَرَ : فَإِنْ كُنْتْ طَامِعاً بِمَزِيدٍ مِنَ
الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، فَعَلَيْكَ بِمُلَازَمَةِ وِرْدِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ
وَبَعْدَهُ قِرَاءَةِ دُعَاءِه الشَّرِيفِ، وَكَذَلِكَ وِرْدُ الِاسْتِغْفَارِ
(700) مَرَّةً وَالزِّيَادَةُ إلَى (7000) أَفْضَلُ وَاقْرَأْ بَعْدَهَا دُعَاءَ
ذَخِيرَة الْأَبْرَارِ .
مُلَاحَظَةٌ:
اعْلَمْ أَنِّي ذَكَرْتُ لَك تَرْتِيبَ بَعْضِ الْأَوْرَادِ الْوَارِدَةِ فِي
الْكِتَابِ حَسْبَ الأهَمِّيَّةِ، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْأَصْلَ
فِي ذَلِكَ كُلِّهِ هُوَ اتِّبَاعُ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ الشَّيْخُ فَهُوَ
مُقَدَّمٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّ الشَّيْخَ أَعْلَمُ بِحَالِ الْمُرِيدِ
وَمَا يُنَاسِبُهُ مِنَ الْأَوْرَادِ، فَيُعْطِيهِ حَسْبَ مَا يُنَاسِبُهُ،
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم .
المصدر: الكنوز النورانية الطبعة (4) ص: 141