جديد الموقع
دعاء عظيم للحمل والذرية => فوائد ومجربات ۞ الصلاة الكبرى للجيلاني => مؤلفات الشيخ القادري ۞ الحرز الجامع والسيف المانع => مؤلفات الشيخ القادري ۞ الوفاء لأهل العطاء => مقالات وأبحاث عامة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ عقيدتنا بالشيخ الأكبر => مقالات الشيخ القادري ۞ حكم العتاقة الكبرى والصغرى => فقه التصوف والسلوك ۞ حكم السالك إذا لم يجد شيخا كاملاً => فقه التصوف والسلوك ۞ الوفاء لأهل العطاء (2) => مقالات وأبحاث عامة ۞ المنظومة الحذيفية => مؤلفات الشيخ القادري ۞
المقال

حكم العتاقة الكبرى والصغرى

الكاتب: مخلف العلي القادري

تاريخ النشر: 03-08-2024 القراءة: 341

حكم العتاقة الكبرى والصغرى:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وسلم وبعد:

أما العتاقة الصغرى فهي: ذكر كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) سبعين ألف مرة بنية العتق من النار، وأما العتاقة الكبرى فهي قراءة سورة الإخلاص مئة ألف مرة.

وهي تفعل للحي وللميت، ويمكن أن يعملها المسلم لنفسه أو تعمل له من غيره ممن يظن بهم الخير والصلاح، وهي أمر مستحب عند عموم المسلمين لما تواترت به الأقوال والأثار عن العلماء والعارفين.

وأنكر العمل بها بعض العلماء وخاصة ممن ينتمون للفكر الوهابي السلفي كما هي عادتهم ولا يعتد بقولهم مقابلة بمن أجاز العمل بها والله تعالى أعلم.

وقد وردت أقول كثيرة وفتاوى للعلماء في العتاقة الصغرى نذكر منها:

قال الشيخ محيي الدين ابن عربي في الفتوحات المكية: «والذي أوصيك به أن تحافظ على أن تشتري نفسك من الله بعتق رقبتك من النار بأن تقول: لا إله إلا الله سبعين ألف مرة، فإن الله يعتق رقبتك بها من النار أو رقبة من تقولها عنه من الناس».

وجاء في شذرات الذهب في أخبار من ذهب (7/ 340) متحدثا عن ابن عربي: «ومما وقع له أن رجلا من دمشق فرض على نفسه أن يلعنه كل يوم عشر مرات، فمات، وحضر ابن عربي جنازته ثم رجع فجلس ببيته وتوجه للقبلة، فلما جاء وقت الغداء أحضر إليه فلم يأكل، ولم يزل على حاله إلى بعد العشاء، فالتفت مسرورا وطلب العشاء وأكل، فقيل له في ذلك، فقال: التزمت مع الله أني لا آكل ولا أشرب حتى يغفر لهذا الذي يلعنني، وذكرت له ‌سبعين ‌ألف ‌لا ‌إله ‌إلا ‌الله، فغفر له»

وقال اليافعي في كتابه "الإرشاد والتطريز في فضل ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه العزيز والمقريزي في «المقفى الكبير» (5/ 74): «عن الشيخ أبي زيد القرطبي المالكي أنه قال: سمعت في بعض الآثار أن من قال: لا إله إلا الله سبعين ألف مرة كانت فداؤه من النار، فعملت على ذلك رجاء بركة الوعد، فعملت منها لأهلي، وعملت أعمالا ادخرتها لنفسي. وكان إذ ذاك يبيت معنا شاب يقال إنه يكاشف في بعض الأوقات بالجنة والنار. وكانت الجماعة ترى له فضلا على صغر سنة، وكان في قلبي منه شيء فاتفق أن استدعانا بعض الإخوان إلى منزله، فنحن نتناول الطعام والشاب معنا إذ صاح صيحة منكرة واجتمع في نفسه، وهو يقول: يا عم، هذه أمي في النار! - وهو يصيح بصياح عظيم لا يشك من سمعه أنه عن أمر. فلما رأيت ما به من الانزعاج قلت في نفسي: اليوم أجرب صدقه! - فألهمني الله السبعين الألف ولم يطلع أحد على ذلك إلا الله، فقلت في نفسي: الأثر حق، والذين رووه لنا صادقون. اللهم إن السبعين الألف فداء أم هذا الشاب- فما استتممت الخاطر في نفسي إلى أن قال: يا عم، ها هي أخرجت! الحمد لله، الحمد لله! (قال): فخلصت لي فائدتان: إيماني بصدق الأثر، وسلامتي من الشاب وعلمي بصدقه» وقد روى هذا الخبر العشرات من العلماء في كتبهم.

قال أبو سعيد الخادمي الحنفي في بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية» (2/ 99): «مثل هذا الخبر وإن ضعيفا لكن يجوز العمل به في فضائل الأعمال سيما في تأييد نص ولم يخالف القياس ولهذا وقع في عمل بعض ووصاياه كملا خسرو وابن الكمال ووقع في مشكاة الأنوار وفي بعض مصنفات الشيخ عبد الرحمن البسطامي وأيضا بعض الثقة عن بعض كتب علي القاري فالأولى أن يأتي ذلك لنفسه أو لغيره لكن بلا أجرة ولو أعطي على طريق الصلة بلا عقد لجاز لكن الأولى عدمه أيضا؛ لأن ذلك قد يكون متعارفا والمعروف عرفا كالمشروط شرطا».

وقال الإمام الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير: «قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من قال: لا إله إلا الله، كانت له كفارة لكل ذنب»، قوله: كانت له كفارة لكل ذنب: ظاهره حتى للكبائر ولذلك اتخذها العارفون عتاقة واختاروا أن تكون سبعين ألفا؛ لأنه ورد بها أثر كما نقل عن الشيخ السنوسي.»

وقال النجم الغيطي: «ينبغي للشخص أن يفعل ذلك اقتداء بالسادة الصوفية وامتثالا لأقوال من أوصى به وتبركا بأفعالهم، وقد ذكره الولي العارف بالله تعالى سيدي محمد بن عراق في بعض رسائله، قال وكان شيخه يأمر به، وأن بعض إخوانه يهلل السبعين ألفا ما بين الفجر وطلوع الشمس، قال: وهذه كرامة من الله تعالى، فإن لم يستطع السالك الإتيان بسبعين ألفا فليأت بخمسين ألفا، فإن لم يستطع فليأت بخمس وعشرين ألفا، وأقله اثنا عشر ألفا، ومن نزل عن هذا العدد لم ينتفع بخلوته الانتفاع المرجو منها والله تعالى أعلم».

وقد وردت أقول كثيرة وفتاوى للعلماء في العتاقة الكبرى نذكر منها:

الأصل فيها ما رواه البزار بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ قل هو الله أحد مائة ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله ، ونادى مناد من قبل الله تعالى في سماواته وأرضه : ألا إن فلانا عتيق الله.

وروى الطبراني عن ابن الديلمي، وهو ابن أخت النجاشي وقد خدم النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ: قل هو الله أحد مائة مرة في الصلاة أو ‌غيرها ‌كتب ‌الله ‌له ‌براءة ‌من ‌النار "

وروى الخياري في فوائده والقزويني في أخبار قزوين عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من قرأ: {قل هو الله أحد} ‌ألف ‌مرة ‌فقد ‌اشترى ‌نفسه من الله"

وهذه احاديث ضعيفة بمجملها .

سئل الشيخ عطية صقر مفتي الديار المصرية عن العتاقة الكبرى فأجاب: العتاقة تعبير متعارف عليه يقوم على قراءة سورة الإخلاص {قل هو الله أحد } عددا من المرات ، رجاء أن يعتق الله بها من النار من قرئت له من الأموات . وهى بهذه الصورة لم يرد بها حديث صحيح خاص ، وإن كان مجرد القراءة للقرآن وهبة ثوابها للميت يرجى انتفاعه بها ، وأما أن تعتق رقبته من النار وتكفر كل السيئات فلا يدل عليه دليل ، وإن كان الله سبحانه قد قال { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } النساء : 48 ، وهذه المغفرة إما تفضل ومنحة من الله دون مقابل ، وإما بمقابل من عمل صالح ، فالأمر لله وحده .هذا، وقد روى البزار بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ قل هو الله أحد مائة ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله ، ونادى مناد من قبل الله تعالى فى سماواته وأرضه : ألا إن فلانا عتيق الله " قال الصاوي في حاشيته على الجلالين : هي عتاقة من النار بشرط ألا يكون عليه حقوق العباد أصلا، أو عليه وهو عاجز عن أدائها ، أما من قدر عليها فهو كالمستهزئ بربه .ونقل الشيخ الحفني عن الشيخ العياشي أن من قرأها مائة ألف مرة كفرت صغائره وكبائره " مصباح الظلام ج 2 ص 161 " وهو كلام لا يصمد أمام القول بأن الكبائر لا تكفرها إلا التوبة النصوح ومنها دفع حقوق العباد .وبناء على هذا الحديث الذى يعمل به فى فضائل الأعمال نص جماعة من متأخري المالكية على استحباب عتاقة الصمدية ، ذكر ذلك المحدث عبد الله الصديق الغماري فى كتابه " فضائل القرآن " .وإذا كان هذا الشخص نفسه يقرؤها ، فهل تكون للميت الذى تقرأ له ؟ ذلك راجع إلى انتفاع الميت بقراءة القرآن عليه ، بأجر أو بغير أجر، وأثر ذلك في الكبائر والتبعات.

أما كيفية القراءة للعتاقة: فيمكن أن يقرأها الإنسان لنفسه، ويمكن أن تقرأ للميت من أهله، أو من يظن بهم الصلاح، ويمكن أن يقرأها إنسان لوحده، أو يجتمع عليه جماعة،

ويستحب أن تقرأ العتاقة على طهارة لما ورد من استحباب التطهر للذكر، فإن تعذر ذلك فيجوز قراءتها بدون طهارة.

ويجوز للمرأة قراءة العتاقة الصغرى وهي حائض، بخلاف العتاقة الكبرى التي هي قل هو الله أحد فلا يجوز ذلك لما ورد من منع قراءة الحائض للقرآن الكريم. والله تعالى أعلم.

المصدر: فقه التصوف والسلوك

بقلم مخلف العلي القادري