الشيخ محمد الهتاك القادري
الكاتب: الشيخ القادري
الشيخ محمد الهتاك القادري الكيلاني
ومن مشايخ
الطريقة القادرية العلية، العارف بالله الشيخ جمال الدين محمد الهتاك ، ابن الشيخ أبي بكر عبد
العزيز ابن الشيخ عبد القادر الجيلاني، وكنيته أبو محمد وأبو عبد الله.
ولد رضي الله
تعالى عنه في بغداد في حياة جده الشيخ عبد القادر الجيلاني، وكانت ولادته قرابة
سنة: (557هـ).
نشأ وترعرع في
كنف أبيه الشيخ عبد العزيز الكيلاني، وأدرك جده الشيخ عبد القادر الجيلاني صغيراً،
فنال من بركته، وكانت نشأته في مدرسة جده الباز الأشهب التي أشرف عليها من بعده
أبناءه الشيخ عبد الوهاب والشيخ عبد الرزاق وغيرهم، فسمع منهم وتفقه عليهم، وسمع
من والده الشيخ عبد العزيز وتفقه عليه، فكان للشيخ محمد نصيباً وافراً من بركة والده
وأعمامه في رحاب مدرسة جده رضي الله عَنهم أجمعين.
يقول التاذفي في قلائد الجواهر: «والشيخ محمد بن
الشيخ عبد العزيز بن الشيخ عبد القادر سمع من غير واحد، وكانت الجبال داره وتربته».
وكان رضي الله
عنه في فترة شبابه في بغداد لا يخاف في الحق لومة لائم، يأمر بالمعروف وينهى عن
المنكر، وكان يتعرض أهل الأهواء والمخالفين لأوامر الله تعالى ونواهيه ويفضح أسرارهم
بصورة علنية أمام الناس، بل ويقتحم مجالسهم أحياناً ويفسدها عليهم، فلقب بالهتاك.
ثم هاجر من
بغداد إلى أرض الحيال بصحبة والده الشيخ عبد العزيز قدس سره الذي استوطنها واستقر
فيها بعد رجوعه من الجهاد، فصحب والده ولازمه ملازمة كاملة؛ يتلقى عنه الآداب
والعلوم، وأسرار الطريقة القادرية حتى وفاته في سنة: (602هـ) حيث آلت إليه مشيخة
الطريقة القادرية في أرض الحيال خلفاً لوالده قدس سره، فتحمل هو أعباء الدعوة
والإرشاد ومشيخة السجادة القادرية، فانتشرت الطريقة في البلاد، وكانت بصحبته أخته
السيدة شريفة زهرة الكيلاني وأخوه الشيخ عثمان الذي أسس التكايا القادرية من بعده
كما ذكر الدكتور عماد عبد السلام رؤوف في كتابه الأسر الحاكمة.
وكان الشيخ محمد
رضي الله تعالى عنه رجلاً صالحاً يعرف بتواضعه وحسن خلقه وزهده، ومحبته للفقراء
والمساكين، يحب البساطة ولا يحب رقد العيش، لو يتخذ زاوية بل كان له بيت بسيط،
وكان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ناصراً للضعفاء، يساعد الفقراء والمحتاجين، ويقصده أهل الحاجات من كل مكان ولا يرد أحداً عن بابه، حتى
اشتهر بعفل الخير.
وكان ينهض مع الناس في النهائض وبعد
ذلك جذبته العناية الإلهية فانقطع إلى الله تعالى في مغارة في الجبال مدة من
الزمان، وسار على نهج والده وجده، حتى فتح الله تعالى عليه وظهرت على يده الكرامات
وأيده الله تعالى بالمكاشفات، وكان يقصد من كافة الأنحاء للتبرك به والأخذ عنه،
كما أنه يقصد للاستشفاء والعلاج على يده، وكانت له هيبة ومحبة وقبولاً في قلوب
الناس والولاة والحكام، وكان لا يقبل منهم الأعطيات والهدايا.
ويعتبر الشيخ
محمد الهتاك قدس سره الجد الجامع لكل فروع قبيلة الحياليين، واليه ترجع أكثر
أسانيد الطريقة القادرية المنتشرة في العالم الإسلامي خلال عدة قرون، ولا يوجد سند
من طريق والده إلا ويمر به لأنه الخليفة الوحيد لوالده قدس الله سرهما.
وعاش حياته لرضي
اللهُ عنه في تلك الجبال داعياً إلى الله تعالى ناشراً طريقة والده وجده، حتى
وافته المنية قرابة سنة: (637هـ) عن ثمانين سنة في أرض الحيال كما ذكر الذهبي في
تاريخيه، ودفن في روفيا، من قضاء عقرة التابعة لمحافظة دهوك، وقبره موجود فيها
يزار وتنال الناس من بركته وأسرار فيوضاته.
ودفنت معه أخته
الشيخة زهرة، وكذلك يجاوره الشيخ القطب إسماعيل الولياني قدس سره، وقيل إنه توفي
في بغداد ودفن في حلبة جده الشيخ عبد القادر والرأي الأول هو الأشهر.
وللشيخ محمد
جمال الدين الهتاك عقب من ولده حسام الدين محمد شرشيق، وهو خليفته من بعده في
الطريقة القادرية، وستأتي ترجمته.
اللهم ارضى على روح
شيخنا الشيخ محمد جمال الدين الهتاك الكيلاني الحسني ورضه عنا وعطف قلبه الشريف
علينا آمين.
المصدر:
الأنوار الجلية من سير وتراجم رجال الطريقة القادرية العلية
للشيخ مخلف العلي القادري الحذيفي الحسيني