بَرْنَامِجُ عَمَلِ الْمُرِيدِ الْقَادِرِيِّ
لِلشَّيْخِ نُورِ الدِّينِ
الْبِرِيفْكَانِيِّ الْقَادِرِيِّ
يَقُولُ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ فِي
الْبُدورِ الْجَلِيَّةِ: «وَاعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَتَنَا تَدُورُ
عَلَى كَثْرَةِ الْخَلَوَاتِ، وَالْقِيَامِ بِحُقوقِ اللَّهِ تَعَالَى،
الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ، كَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَصِيَامِ الْخَمِيسِ
وَالْاِثْنَيْنِ، وَزِيَارَةِ الْقُبُورِ لِلتَّفَكُّرِ وَالْقِرَاءةِ وَالْعِبْرَةِ
بِأهْلِ الْقُبُورِ وَالْبَلَى، وَصَلَاَةِ الضُّحَى، وَالْأوَّابِينَ،
وَالْوِتْرِ، وَالتَّهَجُّدِ، وَغَيْرِهَا مِنَ السُّنَنِ».
وَلَقَدْ بَيَّنَ الشَّيْخُ بَرْنَامَجَ
الْمُرِيدِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، فَقَالَ قَدَّسَ اللهُ سِرَّهُ: فَأُوصِيكُمْ
أَيُّهَا الْإِخْوَانُ بِتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ،
وَأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ، وَلُزُومِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَدَوَامِ
الْوُضُوءِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، وَالنَّوْمِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الذِّكْرِ،
وَقِرَاءةِ الْقُرْآنِ، وَالتَّوْبَةِ مِنَ الْعِصْيَانِ، وَنَوْمِكُمْ عَلَى
الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبَلَةَ، وَإِذَا قُمْتُمُ اللَّيْلَ:
فَعَلَيْكُمْ بِالْوِتْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ اِشْتَغِلُوا
بِذُنُوبِكُمْ السَّابِقَةِ وَالتَّوْبَةِ مِنْهَا، وَتَفَكَّرُوا فِي شِدَّةِ
الْوُقُوفِ تَحْتَ حَرَارَةِ الشَّمْسِ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ فِي الْعِرْقِ،
وَذَلِكَ للعَاصِي والأَشْرَارِ، وَلِلتَّائِبِ يَكُونُ مِقْدَارَ صَلَاَةٍ
مُعْتَدِلَةٍ، فَإِذَا جَاءَ السَّحَرُ فَالْاِسْتِغْفَارُ أَحَبُّ الأَذْكَارِ: «اسْتَغْفِرُ
اللهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ
إِلَيْهِ»، وَإِذَا صَلَّيْتُم صَلَاَةَ الصُّبْحِ، فَإِنْ أَمْكَنَ فَالْجُلُوسُ
عَلَى الْمُصَلَّى إِلَى وَقْتِ الْإشْرَاقِ وَصَلَاَةُ رَكْعَتَيْنِ، فَذَلِكَ
بِحَجَّةٍ تَامَّةٍ، ثُمَّ صَلَاَةُ الضُّحَى، وَصَلَاَةُ الْأوَّابِينَ، وَالرَّوَاتِبُ
الْمُؤَكَّدَةُ، وَصَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَغَيْرِهَا مِنْ صَوْمِ
السُّنَّةِ، كَالعَاشُورَاءِ والتَّاسُوعَاءِ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ وَأيَّامِ
الْبِيضِ وَغَيْرِهَا عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ، وَأذْكَارُكُمْ بَعْدَ كُلِّ
فَرِيضَةٍ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ مِنَ الْإِخْلَاَصِ الشَّرِيفِ،
وَالصَّلَاَةِ «اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى
آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ»، فَالْاِسْتِغْفَارُ الْمَذْكُورُ، وَالتَّسْبِيحُ: «سُبْحَانَ
اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أكْبَرُ وَلَا حَوْلَ
وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ». وَالْفَاتِحَةُ
الشَّرِيفَةُ مِائَةَ مرَّةٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالصَّلَاَةُ
وَكَلِمَةُ التَّوْحِيدِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا أَلْفَ مرَّةٍ،
وَقِرَاءةُ الْقُرْآنِ الشَّرِيفِ الْعَظِيمِ كُلَّ يَوْمٍ مَا اسْتَطَاعَ، وَإِنْ
كَانَ فَارِغًا مِنَ الْأَشْغَالِ فَيَقْرَأُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْأَينِ، وَلَا يَكُونُ
أَقَلَّ مَنْ جُزْءٍ، وَأَيْضَاً إِنْ كَانَ فَارِغَا فَالتَّسْبِيحُ
وَالْإِخْلَاَصُ بَعْدَ فَرِيضَةِ، وَالصُّبْحِ إِلَى الضُّحَى، وَقِرَاءَةُ
الْقُرْآنِ وَالْفَاتِحَةِ مِنَ الضُّحَى إِلَى الْعَصْرِ، وَالصَّلَاَةُ
وَالْاِسْتِغْفَارُ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْغُرُوبِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
لِاِشْتِغَالٍ، فَكُلَّ وَقْتٍ يُمْكِنُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ كَمَا
ذَكَرَنَا مِائَةً أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهُ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ سَبْعِ
أرْضِينَ وَسَبْعِ سَمَوَاتٍ. وَبَعْدَ الْعِشَاءِ الْاِشْتِغَالُ بِالْقُرْآنِ
كَسُورَةِ يس، وَالم السَّجَدَة، وَسُورَةِ الدُّخَان، وَتَبَارَكَ الْمُلْكُ،
وَالْوَاقِعَةُ، وَأَيْضَاً صَلَاَةُ الْعِشَاءِ وَقْتَ مُحَاسَبَةِ الْأَعْمَالِ،
بَلْ مُحَاسَبَةِ الْأَنْفَاسِ، بَلْ وَقْتَ مُحَاسَبَةِ الْأَفْكَارِ، وَبَعْدَهُ
النَّوْمُ عَلَى الْوُضُوءِ وَوَقْتَ مُحَاسَبَةِ الْقَبْرِ وَمُلَاحَظَةِ
الْقَبْرِ، وَوَقْتَ النَّدَمِ وَالتَّوْبَةِ فَقَدْ يَنَامُ وَيَمُوتُ فِي
اللَّيْلَةِ، وَبَعْدَ صَلَاَةِ اللَّيْلِ مُلَاَزَمَةُ الْبُكَاءِ، وَالْخُشُوعُ
وَالتَّضَرُّعُ، وَالْاِسْتِغْفَارُ، وَالتَّذَلُّلُ بَيْنَ يَدَي الْمَلِكِ
الْجَبَّارِ بِالضُّعْفِ وَالْاِفْتِقَارِ. وَاشْتَغِلْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ
بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ لَا مَحَبَّةِ الدُّنْيَا، وَاِشْتَغِلْ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ
وَارْضَ بِالْقَضَاءِ وَالْبَلَاءِ، وَاقْنَعْ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْحَلَالِ،
وَأَحِبَّ الْمُسْلِمِينَ كَإِخْوَتِكَ، وَإِذَا ظَلَمَكَ أحَدٌ فَاُعْفُ عَنْهُ،
وَإِذَا شَتَمَكَ أَوْ خَاصَمَكَ أَحَدٌ فَلَا تَشْتُمْهُ وَلَا تُخَاصِمْهُ،
وَكُنْ سَخِيَّاً بِمَالِكَ، وَلَا تَخَفْ وَلَا تَرْجُ أحَدَاً إِلَّا اللَّهَ،
وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ، وَخِفْ مِنْ غَضَبِهِ الشَّدِيدِ، وَاطْمَعْ فِي رَحْمَةِ
اللَّهِ الْكَثِيرَةِ، هَذِهِ وَظِيفَتُكُمْ أَيُّهَا الْإِخْوَانُ، جَعَلَكُمْ
اللَّهُ مِنْ أهْلِ اللَّهِ وَحَفِظَكُمْ وَأَحَبَّكُمْ وَوَفَّقَكُمْ،
وَرَزَقَكُمْ مَحَبَّتَهُ آمِينَ.
المصدر: الكنوز النورانية الطبعة (4) ص: 139